مقتل ناشطة مالية في تمبكتو.. حين يتحول التعبير عن الرأي إلى تهمة

مقتل ناشطة مالية في تمبكتو.. حين يتحول التعبير عن الرأي إلى تهمة
الناشطة المالية مريم سيسيه

شهدت مالي جريمة مروعة تؤكد حجم الانفلات الأمني في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة، إذ اختُطفت الناشطة المالية مريم سيسيه، الشهيرة على منصة “تيك توك”، قبل أن تُعدم علنًا في مدينة تونكا شمال البلاد، على يد مسلحين يُعتقد بانتمائهم لجماعات متطرفة، بدعوى “التخابر مع الجيش المالي”.

وأكد أحد أقارب الضحية أن المسلحين اقتادوها على متن دراجة نارية إلى ساحة الاستقلال في تونكا، حيث أطلقوا عليها النار أمام حشد من السكان، في مشهد وصفه شهود بأنه “بث للرعب في نفوس المدنيين ورسالة تخويف لكل من يجرؤ على التعبير عن رأيه أو التعامل مع السلطات”، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الاثنين.

استهداف النساء والنشطاء

جاءت هذه الجريمة في ظل تصاعد الانتهاكات التي تستهدف النساء والنشطاء في شمال مالي، وهي منطقة تزداد فيها قبضة الجماعات المتشددة منذ سنوات، وسط غياب تام لمؤسسات الدولة وضعف أجهزة الأمن. 

وتُعد مريم سيسيه، التي يتابعها أكثر من 90 ألف شخص عبر حسابها على “تيك توك”، من أبرز الوجوه الشابة التي استخدمت المنصات الرقمية لتوثيق الحياة اليومية في تمبكتو ومحيطها، قبل أن تتحول شهرتها إلى لعنة أودت بحياتها.

وأوضح ناشطون محليون أن الجماعات المسلحة تعتبر أي تواصل مع السلطات “تعاونًا مع العدو”، وأن تهمة “التخابر” أصبحت تُستخدم كذريعة لتصفية المدنيين، خصوصًا النساء اللواتي برزن في الفضاء العام أو قدّمن محتوى يعبّر عن استقلالية فكرية أو اجتماعية.

خلفية الصراع في مالي

تعيش مالي منذ عام 2012 على وقع تمرد مسلح بدأ في الشمال مع حركات انفصالية، قبل أن تتسلل إليه الجماعات الجهادية الموالية لتنظيمي “القاعدة” و”داعش”، ما أدى إلى انهيار سلطة الدولة في أجزاء واسعة من البلاد. 

ورغم تعاقب التدخلات الدولية والبعثات العسكرية، بقيت المناطق الريفية رهينة للفوضى والعنف، فيما يواجه المجلس العسكري الحاكم اتهامات بالعجز عن حماية المدنيين أو فرض الأمن.

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن مئات المدنيين في مناطق تمبكتو وغاو وميناكا قُتلوا خلال العامين الماضيين بتهم تتعلق بـ”التعاون مع الجيش” أو “الولاء للقوات الأجنبية”، في نمطٍ متكرر من العنف الممنهج الذي يهدف إلى إخضاع السكان المحليين للترهيب والطاعة.

رمز جديد للقهر

تحولت قصة مريم سيسيه إلى رمز لمعاناة جيل ماليٍّ يحاول أن يجد صوته وسط الصمت المفروض بقوة السلاح، وجاء مقتلها ليذكّر بأن مجرد نشر مقطع على “تيك توك” قد يُعدّ جريمة في عيون المتشددين. 

وبينما تتوالى الإدانات الحقوقية المحلية، ما زال الخوف يُخيّم على مناطق الشمال التي تغيب عنها العدالة، وتُستباح فيها أرواح المدنيين بلا حساب.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية